رؤية هاكان فيدان للحل في سوريا
قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن الوقت قد حان لتتعاون دول المنطقة بروح الاحترام المتبادل لحدود وسيادة بعضها البعض، والسعي معاً من أجل تحقيق مصالح الجميع وإرساء نظام خاص.
وأوضح فيدان في مقابلة مع قناة “الحدث” السعودية، أن مرحلة جديدة بدأت في سوريا بعد معاناة دامت 14 عامًا.
وأشار إلى وجود حدود بين تركيا وسوريا تمتد على طول 911 كم، وأن الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية والدينية بين تركيا وسوريا تجعل من البلدين كالجسد الواحد.
كان أمام النظام السوري خيارين، إما أن يتقاسم السلطة ويتصالح مع شعبه، أو يتقاسم السلطة مع قوى خارجية كانت تقدم الدعم له ضد شعبه.
وباختياره الخيار الثاني مع روسيا وإيران فشل النظام بتقديم الخدمات الأساسية للشعب وفي تحقيق السلام والانتعاش الاقتصادي، مما أدى إلى انهياره تدريجياً”.
وردًا على سؤال حول حدوث توافق دولي لإزاحة الأسد وفتح الطريق لتقدم هيئة تحرير الشام، نفى فيدان مشاركة تركيا في أي عملية من هذا النوع.
وقال: “بعد بدء العمليات من قبل هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى، عملنا على تقليل التكلفة والخسائر، لكننا لم نكن جزءًا من أي تخطيط أو تنسيق مسبق مع أي دولة أو جماعة”.
التعاون مع روسيا وإيران
أكد الوزير أن تركيا تجري اجتماعات مع روسيا وإيران لوقف إطلاق النار وحل المشاكل، مشيرًا إلى أهمية الحوار مع المعارضة.
وأوضح أن تركيا أبلغت الجانبين بأن تكرار السيناريوهات السابقة غير مجدٍ، وأن الأسد فشل في تقديم الخدمات لشعبه.
كما نفى أن تكون تركيا قد ساعدت في هروب الأسد، مؤكدًا أن الروس هم من قاموا بالترتيبات اللازمة.
رئيس الاستخبارات التركية في دمشق
وردا على سؤال حول زيارة رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن، إلى دمشق، قال فيدان إن الزيارة تمت بعد مشاورات مع دول المنطقة والدول الغربية.
كانت هناك مبادئ معينة اتفق عليها الجميع، وهي أن التنظيمات الإرهابية يجب ألا تستفيد من دمشق في الفترة الجديدة، وأن الأقليات يجب أن تحظى بمعاملة جيدة. مع تشكيل حكومة تحتضن الجميع وألا تشكل تهديدا لجيرانها”.
وقال فيدان إن قالن نقل إلى الجانب الآخر آراء المجتمع الدولي والمنطقة وتركيا، وحصل على معطيات من الجانب الآخر، وأنه بناءً على هذه المعطيات تم عقد اجتماع ومباحثات في خليج العقبة بالأردن في 14 ديسمبر الجاري.
وحول سياسة تركيا في سوريا، أكد فيدان أنها كانت تسعى لعدم تدفق مزيد من اللاجئين إلى تركيا بسبب الأسد، الذي رفض التصالح مع المعارضة. لهذا السبب عملت تركيا مع فصائل المعارضة التي كانت تسيطر على الخطوط الأمامية، وخاصة الجيش الوطني السوري، والجبهة الوطنية للتحرير.
وأضاف: “كان هناك 4 ملايين سوري يعيشون في محافظة إدلب تحت سيطرة هيئة تحرير الشام. وكان من الممكن أن يأتي هؤلاء إلى تركيا، ومن أجل منع حدوث هذه الأزمات وضمان استمرار وجودهم هناك بشكل مستقر، كنا على تنسيق معين، وأتيحت لنا فرصة التعرف على الهيئة خلال تلك المرحلة”.
وتابع: “كنا ننقل لهم دائمًا توصياتنا ونصائحنا، خاصة فيما يتعلق بطبيعة الإدارة الحديثة وأنظمة الإدارة الحديثة. وما نراه هو أن الأولوية الأولى للهيئة والمكونات الأخرى هي عدم تكرار الأخطاء التي ارتكبها بشار الأسد واحتضان الشعب لتحقيق الرخاء والاستقرار الذي يستحقونه.
وردا على سؤال حول ما إذا التقى بزعيم هيئة تحرير الشام، أشار فيدان إلى أنه شغل سابقًا منصب رئيس الاستخبارات التركية لمدة 13 عامًا، وأن الأزمة السورية شغلت هذه الفترة من عمله، وأنه كان دائما على اتصال مع فاعلين معينين بعد توليه وزارة الخارجية.
لا نريد تسلطا إيرانيا ولا تركيا ولا عربيا
وأوضح الوزير أن تركيا طرحت موضوع المرحلة الجديدة في سوريا حتى قبل الوصول إليها للنقاش مع حلفائها وأصدقائها في المنطقة، وأن الرئيس رجب طيب أردوغان، لديه رؤية في هذا الصدد، وينبغي تطوير هذه اللغة في المنطقة.
وأوضح أن هذه اللغة تتمثل في رفض وجود أي تسلط إيراني أو تركي أو عربي في المنطقة. وأثناء الانتقال من عام 2024 إلى 2025 أصبحت جميع الدول ناضجة بالقدر المطلوب، وبنيتها التحتية قوية، فالسعودية تمتلك قوة كبيرة، وكذلك الإمارات، وهناك تأثير لقطر والكويت، ومصر أيضا.
وقال: “لقد حان الوقت لأن نجتمع معًا ونؤسس مصالحنا ونظامنا الخاص في المنطقة من خلال احترام حدود بعضنا البعض وحقوقنا السيادية في إطار ثقافة التعاون، وأن نذهب إلى ما هو أبعد من الاحترام من خلال التعهد بحماية بعضنا البعض والتكاتف”.
ولفت إلى وجود صلة قرابة تربط دول المنطقة ببضعها البعض، حيث أن الجميع مسلمون، ومن الممكن أن “نجتمع ونحدد مصالحنا ورغباتنا وحساسياتنا بنضج واحتراف كبيرين، وأن نقيم تحالفات مع بعضنا البعض مثلما يقيمون في أوروبا وأمريكا الشمالية وأماكن أخرى، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، كل هذا يمكن القيام به في هذه المنطقة”.
وأوضح فيدان أن دول الخليج تأثرت من المشكلة في اليمن، وتركيا تأثرت من مشكلتي العراق وسوريا.
وأعرب عن اعتقاده في أن إيران ستستخلص الدروس أيضا في المرحلة الجديدة، داعيا إلى مساعدتها بطريقة بناءة في هذا الإطار. كما دعا فيدان إلى مساعدة الحكومة الجديدة في سوريا.
وأضاف: “إنني أؤمن بأن تركيا والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وقطر والأردن قادرة على الاجتماع لاتخاذ خطوات هامة للغاية لحل المشاكل الحرجة في المنطقة. وقد بدأنا بهذا الأمر عبر اجتماع العقبة. المهم هو أن تتحلى الدول بالصدق”.
وأشار فيدان إلى أن تركيا تتمتع بعلاقات جيدة جدًا مع السلطات السعودية وأنه يتم بين البلدين إجراء حوارات صادقة ومفتوحة.
دولة مدنية ديمقراطية في سوريا
قال الوزير إن هناك مشاكل في سوريا تتطلب مساعدة دول المنطقة للإدارة الجديدة في دمشق.
وأكد على أهمية إقامة دولة مدنية وديمقراطية، مع تجنب التمييز والانفصال. وشدد على ضرورة عدم إقامة علاقات مع التنظيمات الإرهابية، واحترام حقوق الأقليات والمرأة.
وأوضح أن دعم دول المنطقة سيساعد في عودة 10 ملايين سوري وتحسين الاقتصاد.
وفيما يتعلق بإسرائيل، أشار إلى أن تل أبيب لم ترغب في رحيل الأسد، وأن الإدارة الجديدة لن تسعى للصراع معها.
كما دعا إلى إنهاء الإبادة الجماعية في غزة.
المصدر: يني شفق