انتهاك حقوق الإنسان في الجامعات الأمريكية، مشهد يلخص الديمقراطية الأمريكية على حقيقتها.
لنقل أن ما يحدث في الشارع الأمريكي هو معارضة سياسات الحكومة في إنفاق مال الشعب الأمريكي لإبادة الشعب الفلسطيني الذي احتلت أرضه ويقاوم المحتل الصهيوني لتحريرها. أليست المعارضة جزء من العملية الديمقراطية؟
إن ما تعيشه الكثير من الولايات الأمريكية، وإدانة بعض المنظمات الدولية، لطريقة تعامل الأمن والشرطة مع المحتجين والمعتصمين، سواء كانوا طلابا أم أساتذة، هو خروج على كل الشعارات التي تتغنى بها أمريكا من حرية وديمقراطية وحقوق إنسان.
في 18 من أبريل الحالي، بدأ بعض الطلاب في جامعة كولومبيا الأمريكية، والمؤيدين لحق الشعب الفلسطيني، اعتصاما في حديقة الحرم الجامعي احتجاجا على الاستثمارات المالية للجامعة في الشركات التي تدعم احتلال فلسطين والإبادة الجماعية في غزة.
لستمر الإعتصام عدة أيام، وبناءً على طلب من رئيسة الجامعة نعمت شفيق، قامت شرطة مكافحة الشغب بالإعتداء على الطلبة بالضرب واعتقال أكثر من مئة طالب.
كانت هذه هي الشرارة التي أشعلت المظاهرات في كثير من الجامعات الأمريكية، بل امتد آثارها إلى بعض جامعات فرنسا.
لا تواصل بين صانع القرار والمحتجين
هتافات الطلبة ترفض استمرار العدوان والحرب في غزة، وتحيي المقاومة الفلسطينية، وتطالب بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وتعددت الهتافات حتى وصلت إلى هتاف بعضهم: “تسقط الولايات المتحدة الأمريكية”.
وهذا يمثل فجوة كبيرة وعدم وجود تواصل بين صانع القرار والطلبة المحتجين ومعلميهم الذين انضموا إليهم في الإحتجاجات.
الرئيس الأمريكي لم يسمع احتجاجات الطلبة، لكن سمعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي خرج بتصريحات، يحرض فيه ضد طلاب الجامعات المتظاهرين، واتهمهم بمعاداة السامية، ووصفهم بالنازيين.
وقد اعتبر بعض الأمريكيين تصريحات نتنياهو بأنها غير مسئولة وتمثل تدخلا في شؤونهم الداخلية.
وامتدت الاحتجاجات لتصل إلى جامعتي جورج تاون وجورج واشنطن، تطالب بوقف إطلاق النار في غزة ووقف الدعم الأمريكي لإسرائيل.
كما وصلت الإحتجاجات إلى جامعات نيويورك وييل، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ونورث كارولينا، و بنسيلفانيا، إلى أن وصل العدد إلى أكثر من 20 جامعة ومؤسسة تعليمية،
الاحتجاجات وصلت إلى جامعات أوربا
قامت الشرطة بإخلاء مدرج جامعة “ساينس بو باريس”، من الطلبة المؤيدين لفلسطين، الذين طالبوا بوقف الحرب في قطاع غزة، كما شارك آخرون في جامعة السوربون.
وفي العاصمة الألمانية برلين، خرجت احتجاجات ضد الحرب الإسرائيلية في غزة، واعتقلت الشرطة عددا من المتظاهرين بعد أن نصبوا خياما على الطريق، مع احتمال بتواصل الاحتجاجات ووصولها إلى دول وجامعات أخرى دعما للقضية الفلسطينية.
وفي جامعة سيدني بأستراليا، نصب الطلاب خياماً في الحرم الجامعي واحتجوا على الهجمات الإسرائيلية على فلسطين.
وانضمت بريطانيا إلى الاحتجاجات، حيث نظم طلاب كلية لندن الجامعية (UCL)، وقفة احتجاجية داخل الكلية لمطالبة إدارة الجامعة بقطع علاقاتها مع شركات السلاح الداعمة لإسرائيل.
ردود فعل المنظمات الدولية
نددت منظمة هيومن رايتس ووتش واتحاد الحريات المدنية الأميركي باعتقال المتظاهرين وطالبا السلطات باحترام حقهم في حرية التعبير.
كما أدانت منظمة العفو الدولية، قمع الجامعات الأمريكية للاحتجاجات الطلابية المناهضة للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، مؤكدة على حق التظاهر والاحتجاج.
وقالت المنظمة الدولية على منصة “إكس” إن الجامعات الأمريكية واجهت الاحتجاجات الداعمة لحقوق الفلسطينيين بعرقلتها وقمعها، بدلا من السماح لطلابها بممارسة حقهم بالاحتجاج وحمايته”.
الجامعات الأمريكية تستثمر في إسرائيل
الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية كشف لنا تشابك المصالح بين الجامعات ومشاريعها المرتبطة بالشركات الإسرائيلية، وكان أحد شعارات هذه الاحتجاجات هو التأثير على المصالح الإسرائيلية من خلال فض تلك الشراكة مع إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة.
وقد هدد داعموا الجامعات الأمريكية بوقف الدعم وحرمانها من التمويل، والتهديد بسحب الاستثمارات، وكانت النتيجة عكسية حيث احتج الطلبة وطالبوا بسحب استثمارات الجامعات من إسرائيل حتى تتوقف الحرب في غزة.
ومع قمع واعتقال المحتجين والمتظاهرين زادت الاحتجاجات وانتشرت في جامعات أخرى في أمريكا وحول العالم، بما يوضح أنه لا استقلالية للجامعات في أمريكا وأنها تخضع لسلطة الممولين. وهناك ارتباط وثيق بين الجامعات والاستثمارات.
فلسطين في كل مكان
امتداد الحراك الطلابي من الجامعات الأمريكية إلى جامعات أوربا واستراليا والخاص بوقف الحرب في غزة يعني أن فلسطين في كل مكان، وكان الأولى لأمريكا ألا تستخدم الفيتو ضد قرار مجلس الأمن والخاص بمنح فلسطين عضوية دائمة في الأمم المتحدة.
وتطالب الاحتجاجات بوقف الاستثمارات الأمريكية في إسرائيل، ووقف الدعم المادي والعسكري والسياسي لها، والذي يساهم في مزيد من القتل والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
أمريكا تدعم إسرائيل ضد رغبة الشعب الأمريكي، وهذا يتنافى مع الديمقراطية، وضد الشعوب الإسلامية والعربية وحقها في تحرير الأقصى وفلسطين، وهذا يتعارض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي تعترف بأن فلسطين أرض محتلة.
بهذا تكون فلسطين قد كشفت زيف شعارات الديمقراطية التي تنادي بها أمريكا وتفرضها على دول العالم بقوة السلاح والحرب كما في العراق حين قامت باحتلاله في عام 2003 لتحويل نظامها إلى نظام ديمقراطي.
كما يكشف الحراك الطلابي انتهاك أمريكا لحقوق الإنسان الأمريكي، فما بالك بحقوق الإنسان الفلسطيني الذي تقوم إسرائيل بقتله في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن، وبدعم السلاح الأمريكي والأوربي.
ملك الأردن يلتقي الأمين العام لحلف الناتو
رئيس كوريا الجنوبية يعلن الأحكام العرفية
رد العدوان وفجر الحرية معركتان في سوريا
لا توجد مقالات