ترامب يريد أمريكا دولة محترمة
خطب الرئيس ترامب في بداية ولايته الجديدة في الشعب الأمريكي يعدهم أن تعود أمريكا دولة محترمة، وأن حدود أمريكا كما هي منذ فترة طويلة يجب أن تزيد مساحتها بضم كندا وجرينلاند وبنما إليها.
وبعدها خاطب الرئيس الروسي بوتين لوقف الحرب في أوكرانيا، وذلك بالضغط على السعودية ودول أوبك بخفض أسعار البترول حتى ينهار الاقتصاد الروسي ولا يتمكن من تمويل الحرب الدائرة منذ 2022 وحتى الآن.
ثم طالب الأردن ومصر باستضافة الشعب الفلسطيني وتفريغ الضفة الغربية وغزة من أهلها لزيادة مساحة دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقبلها طالب بمحاكمة المحكمة الجنائية الدولية لأنها أصدرت مذكرة اعتقال لقادة إسرائيل على رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
فهل بهذا ستكون أمريكا دولة محترمة؟
قطبية أحادية أم عالم متعدد الأقطاب
بعد الحرب العالمية الثانية أنشأت أمريكا الأمم المتحدة ومجلس الأمن، كأحد أهم أدوات تنفيذ القانون الدولي، ومن خلالها تم تقسيم الدول ووضع حدودها.
ولأن معظم دول العالم كانت خاضعة لسلطة الاحتلال الأوروبي فقد رضيت هذه الدول بالتقسيم تحت شعار الاستقلال عن احتلال أوربا لها لتسقط أنظمة هذه الدول المستقلة الناشئة تحت سلطة احتلال من نوع آخر هو احتلال غير مباشر تدعمه الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وكان أول قرار للأمم المتحدة الاعتراف بإسرائيل.
وبما أن أمريكا على رأس دول مجلس الأمن دائمي العضوية ولهم حق الفيتو، وبما أن أمريكا قامت بتفكيك الاتحاد السوفيتي في عام 1990، وشغلته مرة أخرة في الحرب ضد أوكرانيا، فترى أنه ليس من حق روسيا أن تتساوى مع أمريكا في القوة.
الخطر الروسي سيأتي في حال تحالفت الصين مع روسيا، أو تحالف العرب والمسلمون معها، ولذلك فهي تريد أن تضرب احتمالية هذا التحالف.
فإذا أصبحت روسيا وحيدة في حربها، بسحب الصين من ناحية، وضرب الاقتصاد الروسي بخفض أسعاره في حال قامت السعودية بذلك فسوف تضع أمريكا، روسيا في عداء مع السعودية وبالتالي مع العالم الإسلامي الذي تمثل بلد الحرمين قلبه.
إذا نجحت أمريكا في ذلك فسترى أنه من حقها أن نعيد خرائط العالم مرة أخرى كما فعلت من قبل منذ الحرب العالمية الثانية 1945، وبعد نجاحها في تفكيك الاتحاد السوفيتي في عام 1991، وقد رأينا أن القوانين الدولية والأمم المتحدة والجنائية الدولية لا وزن لهم في السياسة الأمريكية.

كيف تكون أمريكا دولة محترمة
أولا: عليها احترام القانون الذي وضعته هي ليحكم العلاقات بينها وبين الدول الأخرى. لذلك عليها احترام دول الجوار سواء أمريكا أو بنما.
ثانيا: عليها أن تتذكر أن فلسطين أرض عربية إسلامية محتلة، وأن العرب لن يتركوا أرضهم المحتلة حتى يتم طرد آخر صهيوني منها حتى ولو دعمته جيوش الأرض مجتمعة بما فيها الجيوش العربية الموالية لأعدائنا.
فإذا أرادت أن تكون أمريكا دولة محترمة فعليها أن تقوم بإعادة إعمار غزة من المال الأمريكي الذي تم إنفاقه على السلاح المورد لاسرائيل والذي استخدمته في إبادة الشعب الفلسطيني في غزة.
إذا أراد ترامب أن تكون أمريكا دولة محترمة فعليه أن يحاكم من شارك في عمليات الإبادة الجماعية في غزة سواء من الصهاينة أمثال نتنياهو والداعم الأول له الرئيس الأمريكي السابق بايدن ووزير خارجيته اليهودي بلينكن.
إذا أرات أمريكا أن تكون دولة محترمة فعليها أن تسحب جنودها من شرق الفرات وتوقف دعم الميليشيات الانفصالية التي تسعى لتقسيم العراق وتركيا وسوريا وإيران. فإذا كانت أمريكا تسعى لتوسيع حدودها فإن هذه الدول تسعى للمحافظة على حدودها القائمة وهذا حقها.
أموال أفغانستان المجمدة وإبتزاز دول الخليج
إذا أراد ترامب أن تكون أمريكا دولة محترمة فعليها أن ترد أموال الشعب الأفغاني التي جمدتها بعد وصول الحكومة الحالية، حكومة طالبان، للسلطة، 9مليار دولار، وفي هذه الحالة يمكنها الاستغناء عن الدعم الأمريكي، مع أن واجب الدول المحترمة أن تقوم بتعويض الدول التي احتلتها وقتلت مئات الآلاف من شعبها، أفغانستان والعراق. أم أن أمريكا تتذكر فقط إبادة الأرمن التي لم يرها أحد وتطالب تركيا بتعويضات عنها، ونحن قد رأينا إبادة المسلمين بالإحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق وأخيرا غزة.
إذا أرادت أمريكا أن تكون دولة محترمة فعليها أن توقف الدعم العسكري لأوكرانيا بدلا من ابتزاز دول الخليج التي لا علاقة لها بالحرب الروسية الأوكرانية. وتترك الحل السياسي التفاوضي بين الدولتين لوقف الحرب التي أصر اليهودي بلينكن وبايدن على استمرارها.
أمريكا تحتاج الكثير حتى تكون دولة محترمة وحتى يتم التعامل معها كدولة محترمة عليها احترام الدول وشعوبها، وأن تحترم خصوصيات كل شعب ودين هذه الشعوب وخاصة الشعوب المسلمة.
فهل ينجح ترامب في جعل أمريكا يوما ما دولة محترمة؟