جرائم لا تسقط بالتقادم، مصطلح يقول للمجرم افعل ما شئت واستمتع بجرائمك كيف شئت فجرائمك لا تسقط بالتقادم.
احتلال أفغانستان
الحقوق يجب أن تعطى لأصحابها قبل أن يطالبوا بها وقبل أن يجف عرق صاحب الحق، فكيف خرج علينا مصطلح “جرائم لا تسقط بالتقادم”؟ إنه مصطلح سنروج له ونجعل ألسنة الناس تعتاد عليه حتى لا يفكر أحدهم في الخروج من دائرته ليقتص لنفسه أو ينتزع حقه بيده.
هكذا تم ترويج المصطلح على الشعوب المغلوبة على أمرها المقهورة من أنظمتها الحاكمة التي تدور في فلك النظام العالمي والقانون الدولي.
عندما قامت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، قامت أمريكا على الفور بعد أقل من شهر وقبل أن تنتهي التحقيقات باحتلال أفغانستان، لأنها تأوي أسامة بن لادن المتهم بتنفيذ أحداث 11 سبتمبر 2001.
فهل كان أسامة بن لادن أفغانيا حتى تحتل أمريكا أفغانستان بحجة أنه من قام بتفجير مركز التجارة العالمي ومقر وزارة الدفاع في أمريكا؟ وهل النظام العالمي الذي دعم الاحتلال الأمريكي لأفغانستان جدير بأن يكون نظاما عادلا تحتكم الدول الأعضاء في منظماته إلى قوانينه التي يتم اختراقها من الخمسة الكبار؟
احتلال العراق
وفي يناير 2003، أعلن بوش أن بلاده جاهزة ومستعدة للتحرك عسكريا إذا رفض العراق نزع أسلحة الدمار الشامل التي يملكها، وأن بلاده لا تريد غزو العراق وإنما تحرير الشعب العراقي، فهل قامت أمريكا باستفتاء الشعب العراقي لكي يختار بين الاحتلال الأمريكي أو صدام؟ وهل أسلحة الدمار الشامل يجب أن تملكها الدول العظمى وتكون محرمة على غيرها؟
هكذا تم ترويج امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل يحرم امتلاكها إلا للمحتل الأمريكي والصهيوني والخمسة الكبار، ثم الترويج أن أمريكا جاءت لتحرير الشعب العراقي من حاكمه صدام حسين ليحكمه الحاكم العسكري الأمريكي الذي قتل على يديه مليون من الشعب العراقي، فلمن يحتكم الشعب العراقي الآن بعد 15 عاما من احتلاله؟
هكذا يحكم النظام العالمي بقوانينه الدولية، فالجرائم في حق الشعوب المختارة كالشعب الأمريكي يجب أن يتم فورا عقاب من قام بها وإن كان باحتلال أفغانستان وقتل الشعب الأفغاني، لأن برج التجارة العالمي في أمريكا تم استهدافه من قبل القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، كذلك تم احتلال وقتل مليون من الشعب العراقي لتحريره من حكم صدام.
فهل جرائم صدام حسين في حق شعبه تساوي جرائم أمريكا في العراق؟ هل توجد آلية في النظام العالمي والقوانين الدولية لتحاكم “صدام” على جرائمه وتحاكم أمريكا على احتلالها للعراق؟ أم سيظل يروج للمصطلح الخبيث جرائم لا تسقط بالتقادم؟
الإنقلابات العسكرية جرائم لا تسقط بالتقادم
كانت جريمة الشعب المصري هي قيامه بالثورة على النظام الحاكم في 25 يناير 2011، وهذه جريمة لا يمكن أن تكون من تلك الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، فقد تم تنفيذ أغلظ العقوبات والمذابح في الشعب المصري ردا على جريمته من موقعة الجمل إلى ماسبيرو ومحمد محمود الأولى والثانية ثم مذبحة العباسية وانتهاك حرمة المساجد بالبيادات العسكرية في مسجد النور والقائد إبراهيم، حتى تم الانقلاب على اختيار الشعب للرئيس محمد مرسي، فكانت تلك الجريمة أشد جرما من أحداث 11 سبتمبر 2011، فقام النظام العالمي بدعم الانقلاب ليحرر الشعب المصري من الرئيس المنتخب ويروج لمجازر العسكر المتتالية بأنها جرائم لا تسقط بالتقادم، والتي لم يسلم منها شبر واحد من أرض مصر والمستمرة حتى الآن.
ماذا يفعل أهالي 100 ألف معتقل حتى يتم القصاص لهم، هل ينتظرون موت معتقليهم أو موتهم أو موت من اعتقلهم إلى أن يتم الحكم على جرائم العسكر والإنقلابات العسكرية التي لا تسقط بالتقادم؟ ماذا يفعل أهالي شهداء رابعة والنهضة ومحمد محمود ورمسيس والعباسية والإسكندرية ودلجا والعريش ومطروح وهم يرون القتلة أمام أعينهم يحكمون مصر وتستقبلهم المنظمات الدولية استقبال الفاتحين؟ هل يمكن أن يكون عندهم ثقة في هذا النظام العالمي الذي فشل في تحقيق العدل الذي قام من أجله؟
مصر والنظام العالمي
لم يفكر النظام العالمي على رأسه الأمم المتحدة في تحرير الشعب المصري من الانقلاب باحتلال مصر كما فعل في أفغانستان والعراق، فهناك من يقوم بالمهمة نيابة عنه، كما أن جرائم الانقلاب من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، وبالتالي فهي كلمة السر التي تجعل الانقلاب يستمر في جرائمه بكل قوة، فلن يردعه النظام الدولي والقوانين الدولية إلا إذا فشل في انقلابه وثار الشعب المصري عليه من جديد، ساعتها سيتدخل النظام الدولي ويدعي أن الشعب المصري في خطر ويجب حمايته من ثورته على الانقلابيين.
النظام العالمي يقول للعسكر افعل ما شئت ونحن ندعمك، فجرائمك لا تسقط بالتقادم، وعندما يموت الشعب الثائر بالاعتقال والتعذيب والتجويع والحصار، ويرضخ باقي الشعب كما أردنا نحن ذلك، ساعتها سنعاقبك على جرائمك حتى ترضخ لنا وتسلم مصر خاوية على عروشها للصهاينة، والمزاد مفتوح لمن يدفع في شراء مصر. حق مصر لا يسقط ولن يسقط.
الخلاصة
حق مصر يجب أن يعود الآن بأيدي شعبها الذي علم التتار كيف يتجرؤون على مصر وشعبها، أحد عشر شهرا تجهيزا لمعركة عين جالوت التي انتصر فيها الشعب بقيادته على أقوى قوة في ذلك الوقت “التتار”، الذين أسقطوا دولة الخلافة بـبغداد حتى وصلوا إلى فلسطين، والآن هل تنتظرون سقوط مصر إلى القاع بانتظار حكم النظام العالمي.
انتصر الشعب في عين جالوت بإعداد 11 شهرا فقط للمعركة، لأنه لم يكن هناك نظام عالمي يخدر الشعوب قائلا لحكامها: افعلوا ما شئتم فجرائمكم لا تسقط بالتقادم.