الأيدي الخفية المشاركة في الانقلابات العسكرية

الديمقراطية هي إحدى المثل العليا المعترف بها عالميا، كما أنها إحدى القيم الأساسية للأمم المتحدة . كيف تستقيم المثل العليا للأمم المتحدة أن تسمح بالتحكم في 197 دولة عضو بها عن طريق خمس دول والتي لها حق النقض (دول الفيتو)؟. ألا تمثل دول الفيتو انقلابا صارخا على الديمقراطية؟ العبارة الافتتاحية في ميثاق الأمم المتحدة “نحن الشعوب” تعكس ذلك المبدأ الأساسي المتعلق بالديمقراطية، الذي يقول بأن إرادة الشعب تمثل مصدر شرعية الدول ذات السيادة، وشرعية الأمم المتحدة في مجموعها بناء على ذلك.

عن أي شعوب تتحدث الأمم المتحدة؟. هل تتحدث عن شعوب الدول دائمي العضوية في مجلس الأمن، دول الفيتو والتي تتحكم في مصائر باقي شعوب الدول الغير أعضاء أو ليسوا من دول الفيتو؟. أم أن باقي الدول الأعضاء بالأمم المتحدة دولا بلا سيادة؟. تتطلب الأعمال السياسية للأمم المتحدة تعزيز النتائج الديمقراطية؛ إلى جانب سعي وكالات التنمية إلى دعم المؤسسات الوطنية من برلمانات ولجان الانتخابات ونظم القضاء التي تشكل القاعدة الراسخة لأية ديمقراطية؛ فضلاً عن دعم جهود حقوق الإنسان لحرية التعبير والانضمام للجمعيات والمشاركة وسيادة القانون، فهذه كلها من العناصر الهامة المكونة للديمقراطية.

الأمم المتحدة والإنتخابات

عندما تقدم الأمم المتحدة الدعم المالي لهذه الجهات الثلاث:
– البرلمانات.
– لجان الانتخابات.
– نظم القضاء.

عن أي شفافية يتحدثون، سيؤدي ذلك إلى أن يكون ولاء تلك الجهات للجهة الممولة لهم وهم من يمثلون الأمم المتحدة أو من تقبلهم الأمم المتحدة لتمثيل بلادهم، فأين هي حرية الشعوب؟

إن الأمم المتحدة تتهم بالإرهاب من يتلقى دعم مالي من الخارج حتى يتم استبعاده من قوائم المرشحين. وبعبارة أخرى لماذا لا تتهم نفسها كأحد مصادر هذا الدعم وهي تعترف صراحة بدعمها المالي للبرلمان ولجان الانتخابات ونظم القضاء المشرفة على الانتخابات. وعلى سبيل المثال يقدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كل عام ما يقرب من 1.5 مليار دولار لدعم العمليات الديمقراطية على الصعيد العالمي، ما يجعل الأمم المتحدة واحدة من أكبر الجهات الموفرة للتعاون التقني لأغراض الديمقراطية وشؤون الحكم في العالم بأسره. فهل قدمت الأمم المتحدة جزءا من هذه الأموال لدعم حركة تمرد التي كانت تمهيدا شعبيا للانقلاب على الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي؟.

قوات حفظ السلام ودورها في الإنتخابات

وتقوم إدارة عمليات حفظ السلام أو دائرة الشؤون السياسية بتقديم المساعدة الانتخابية في بيئات حفظ السلام أو في مرحلة ما بعد الصراع من خلال مكونات البعثات الميدانية بالإضافة إلى دعم القوات العسكرية والشرطة في بعثات حفظ السلام وكالات إنفاذ القوانين الوطنية من خلال توفير الأمن للعمليات الانتخابية.

من عبقرية الأمم المتحدة أنها استطاعت أن تجعل من جيش الدولة عدوا للشعب. وجعلت القوات العسكرية الأجنبية المتمثلة في بعثات حفظ السلام رقيبا على العملية الانتخابية. وهذا يمثل احتلالا أمميا للدولة المراد نشر الديمقراطية بها ومثال على ذلك ما فعلته في كمبوديا وتيمور الشرقية وهايتي والعراق. وقدمت بعثة الأمم المتحدة في السودان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي المساعدة التقنية للاستفتاء على استقلال جنوب السودان من خلال شعبة الاستفتاء الانتخابية المتكاملة للأمم المتحدة. كما وأنشأ الأمين العام أيضا لجنة خاصة لمراقبة عملية الاستفتاء.

سؤال للأمم المتحدة راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان: ماذا عن إقليم كشمير ذو الأغلبية المسلمة؟ والذي قامت الهند بضمه إليها في عام 1947 وفرضت عليه حماية مؤقتة. وقد صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 47 لعام 1948 على إعطاء الشعب الكشميري الحق في تقرير المصير عبر استفتاء عام حر ونزيه يتم إجراؤه تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو ما لم يتم حتى الآن.

ماذا عن تركستان الشرقية (إقليم شينجيانج) التي تحتلها الصين منذ 1949؟. لماذا لا يتم استفتاء الشعب التركستاني للاستقلال عن الصين؟. هل لأنهم أغلبية مسلمة أم لأن الصين من دول الفيتو؟. لماذا تؤيد الأمم المتحدة الاستفتاءات على الانفصال في الدول العربية والإسلامية ولا تؤيدها في الدول غير الإسلامية؟

دور المنظمات الدولية والإقليمية في الإنتخابات

تمثل الانتخابات آلية لاختيار ممثلين عن شعب ما في دولة ما، وهذه الاختيار يعد شأنا داخليا للدولة. كما تؤكد ذلك كل القوانين والأعراف الدولية وكذلك الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. ومع ذلك نجد أن الأمم المتحدة بأجهزتها المعنية تتدخل في العملية الانتخابية في الدول خاصة الإسلامية والتي ترغب ألا يصعد فيها الإسلاميون إلى سدة الحكم، فكونت شبكة من العلاقات حتى تحقق ذلك الهدف. علاقات مع المنظمات الإقليمية والحكومية الدولية المعنية بتقديم المساعدة الانتخابية ومنها:

1- الاتحاد الأفريقي.
2- الإتحاد الأوروبي.
3- المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية.
4-  منظمة الدول الأمريكية.
5-  منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
6- جامعة الدول العربية.
7- منظمة المؤتمر الإسلامي.
8- الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي.

وكذلك مع المنظمات دون الإقليمية مثل:
9- الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)

والشركاء الآخرين العاملين في العديد من المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في مجال المساعدة الانتخابية ومنها:
– مركز كارتر.
– المعهد الانتخابي لاستدامة الديمقراطية في أفريقيا.
– المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية.

الأمم المتحدة وسيادة الدول

ما علاقة جامعة الدول العربية بالانتخابات في مصر سوى انتظار نتائجها وقبول اختيارات الشعب المصري؟. وكذلك في الجزائر والمغرب والسودان وغيرها؟. ما علاقة الاتحاد الأوربي بانتخابات بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا؟. وهل تتدخل جامعة الدول العربية بنتائج الانتخابات في فرنسا كما يتدخل الاتحاد الأوروبي في نتائج الانتخابات في مصر ما جعل كاترين أشتون تتآمر وتتفاوض مع الرئيس محمد مرسي لتسليم صلاحياته لمحمد البرادعي. ما علاقة ذلك بالديمقراطية وإرادة الشعوب؟

وتبذل الأمم المتحدة أيضا الجهود الرامية لبناء القدرات خارج السلطات الانتخابية، وهذا يتضمن:
1- العمل مع الناخبين
2- العمل مع وسائل الإعلام
3- العمل مع الأحزاب السياسية
4- العمل مع المجتمع المدني
5- العمل مع البرلمان
6- العمل مع السلطة القضائية.

الحقيقة أن الأمم المتحدة بمنظماتها وهيئاتها ومراكزها وجمعياتها أصبحت دولة داخل الدولة تتدخل ليس فقط في رقابة العملية الانتخابية بل في التأثير على المجتمع من خلال عملها مع الأحزاب والبرلمان والإعلام والقضاء وجمعيات المجتمع المدني. هل بقيت جهة ما لم تتعامل معها الأمم المتحدة؟. هل أصبحت الأمم المتحدة وصية على بلادنا وتوجيه اختياراتنا أم أن بلادنا أصبحت تحت سيادة الأمم المتحدة؟

أهم الأيادي الخفية للانقلابات العسكرية:

1- دول الفيتو.
2- الدعم المالي الذي تقدمه الأمم المتحدة للبرلمانات ولجان الانتخابات ونظم القضاء.
3- قوات حفظ السلام كما في تيمور الشرقية وهايتي وغيرها.
4- الاستفتاء على الاستقلال للميليشيات التي تصنعها الأمم المتحدة.
5- شبكة علاقات الأمم المتحدة مع المنظمات الدولية وربطها بمنظمات المجتمع المدني.

وفي الختام أقترح أن نوفر طاقات الأمم المتحدة وأموالها وصناديقها ونفوضها في اختيار رئيس الدولة بدلا من إراقة الدماء بانقلاب عسكري كما حدث في انقلاب العسكر على الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي في 3 يوليو 2013.

Scroll to Top